Admin Admin
عدد المساهمات : 137 تاريخ التسجيل : 31/05/2011
| موضوع: بقلم: ياسر المصري أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح الا نتفاضة الإثنين يناير 07, 2013 5:12 am | |
| ميلاد مجيد لثورة مجيدة
بقلم: ياسر المصري
أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح
الثورة الفلسطينية المعاصرة، كانت وما زالت امتداداً لتاريخ طويل من الثورات، التي ترافقت مع بداية الهجمة الاستعمارية الفرنسية والبريطانية، ومن ثم الصهيونية على فلسطين، فمنذ الحملة الفرنسية النابليونية واندحارها عن أسوار عكا، إلى الانتداب البريطاني، والذي سبقه التحضير والتمهيد للاحتلال الصهيوني عبر فكرة صهيونية جهنمية وشيطانية من وحي الاستعمار الغربي، والتي رسمت بشكل وثائقي عبر وعد بلفور المشؤوم.
وعبر ذلك التاريخ الطويل، كان شعبنا الفلسطيني مثالاً ونموذجاً لمقاومة ومقارعة الاحتلال، ويشهد للوالي العثماني أحمد باشا الجزار الذي هزم نابليون على أسوار عكا وأجبره على التراجع والانسحاب، ومن ثم عندما بدأت الحركة الصهيونية بالعمل على إنشاء المستعمرات الصهيونية، واندفاع الشعب الفلسطيني لمواجهتها بكل إباء عبر معارك كثيرة، إلى الصراع مع الاستعمار البريطاني، الذي مهد الطريق لاستيلاء واغتصاب الحركة الصهيونية للعديد من الأراضي الفلسطينية، وإحلال مستعمرات صهيونية يسكنها اليهود الذين تم استجلابهم من أصقاع الكرة الأرضية.
وفي ظل تنامي الحركة الصهيونية وأنشطتها المختلفة على الأراضي الفلسطينية كان الشعب الفلسطيني بإمكاناته المتواضعة يواجه الحركة الصهيونية المدعومة غربياً من الدول الاستعمارية، وفي ظل تفكك عربي واحتلال عثماني بغيض، واستعمار غربي حديث ممثلاً في كلاً من الدولتين الاستعماريتين فرنسا وبريطانيا، اللتين تقاسمتا الوطن العربي عبر اتفاقية سايكس بيكو الشهيرة.
لذلك كانت الثورات الفلسطينية المتعاقبة منذ عام 1920، و1921 وهبة البراق، ومن ثم الإضراب الستيني الشهير عام 1935، إلى ثورة القسام عام 1936، وما بين تلك الثورات التي عرفت تاريخياً، كان الكثير من الهبات والمواجهات الفلسطينية مع الاحتلالين البريطاني والصهيوني.
ومن ثم جاءت الثورة الفلسطينية المعاصرة بعد النكبة الفلسطينية عام 1948، والتي عبرت عن نفسها في البدايات بأشكال كفاحية مختلفة، إلى أن انطلقت الثورة الفلسطينية في 1/1/1965، وكانت المفجر الرئيسي للثورة التي سطرت عبر تاريخها الكثير من الصفحات المشرقة في سجل نضال الشعب الفلسطيني.
وكانت لحركة فتح الدور الريادي في هذا المشوار النضالي، لأنها كانت بفكرها ومنطلقاتها وكفاح أبناءها الأنموذج الثوري الذي جسد طموح وآمال الشعب الفلسطيني التواق لتحقيق ذاته وإطلاق مكنوناته المبعثرة، وتأطيرها في بوتقة فلسطينية موحدة قادرة على تحقيق العودة إلى فلسطين..
ومن أجل ذلك سميت حركة فتح رائدة النضال الوطني الفلسطيني، كونها تميزت باستيعاب كافة أبناء الشعب الفلسطيني وعلى اختلاف مشاربهم السياسية وانتماءاتهم الاجتماعية والدينية، وعملانياً حققت الحركة الكثير من الانجازات ابتداءً من العمليات العسكرية النوعية في عمق الكيان الصهيوني، في كافة القرى والمدن الفلسطينية التي احتلت عام 1948، إلى معركة الكرامة التي كانت الانتصار الفلسطيني والعربي الأول في تاريخنا المعاصر بعد نكسة حزيران عام 1967، وتوالت العمليات والمواجهات برغم المجازر التي ارتكبها النظام الأردني في أيلول الأسود عام 1970، ومن ثم الخروج إلى لبنان والعمليات العسكرية النوعية في الجنوب اللبناني باتجاه الوطن المحتل، إلى عملية الشهيدة دلال المغربي عام 1978 والاجتياح الصهيوني الأول، ومن ثم الاجتياح الثاني عام 1982 والصمود الأسطوري للفدائي الفلسطيني.
وكان ذلك المسار النضالي معبداً بدماء آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، وكانت بدمائهم وعذاباتهم تأتي الانتصارات وتحقق العزة والكرامة لشعبنا الذي آمن بأن البندقية وحدها صانعة انتصارات، والكفاح المسلح هو الطريق الحتمي والوحيد لتحرير الأرض وعودة الشعب، وإثر ذلك سقط الشهداء ومن بينهم قادة مميزون أمثال أبو علي إياد وكمال ناصر وكمال عدوان وأبو صبري وماجد أبو شرار سعد صايل وغيرهم الكثير ممن لا يمكن إحصاءهم أو الحديث عنهم.
ومن أجل الحفاظ على ذلك التاريخ، وعلى الالتزام بالعهد الذي قطعناه على أنفسنا بالحفاظ على دمائهم ومسيرتهم، كانت الانتفاضة الثورية في حركة فتح من أجل استمرار الثورة وديمومتها في الكفاح والنضال ودون التنازل عن الثوابت الوطنية وعدم التفريط بأي حق من حقوق شعبنا الفلسطيني الوطنية، ومواجهة كل من يحاول أن ينتقص من أرض فلسطين وحقوقنا التاريخية، أو من يحاول حرف الثورة عن مسارها الوطني، وأخذها إلى غياهب التسويات والتصفيات.
وفي ظل معرفتنا بطبيعة الكيان الصهيوني الذي وصَّفته حركة فتح بأنه كيان صهيوني عنصري إجلائي عدواني توسعي، فإن مواجهته يجب أن تنسجم مع طبيعته وفق رؤية حددتها حركة فتح بحرب الشعب طويلة الأمن المستمدة قوتها وعنفوانها في إرادة الشعب الصلبة والثابتة معتمدة في إسنادها على العمق العربي والإسلامي وعلى أحرار العالم، إلى أن يتم التحرير والعودة.
لكن الواقع الفلسطيني الراهن، المشخص موضوعياً بأنه يعاني الكثير من الأزمات منذ عقود وخاصة بعد توقيع اتفاق أوسلو التصفوي الذي مزق الشعب وقسم الأرض وحاصر المقاومة واعتقل المناضلين، وتنازل عن 80% من أرض فلسطين التاريخية، ونسق مع الأجهزة الأمنية الصهيونية في اعتقال العديد من أبناء شعبنا، ونفذ تعليمات الاستخبارات الأميركية في محاولة إيجاد مفاهيم جديدة بديلة عن مفاهيم الثورة واستبدالها بمفاهيم الدولة والقانون التي تخضع لمشيئة الاحتلال الصهيوني.
ولذلك كان الانقسام السياسي الفلسطيني القديم الجديد بشكل أفقي ما بين قيادة تبحث عن السلطة وبريقها وشعب يبحث عن وطن، وعبر عن هذا الانقسام بين برنامجين (برنامج التحرير وبرنامج التسوية) والصراع بين هذين البرنامجين قائم ومستمر وخاصة بأن الانتفاضتين السابقتين لشعبنا الفلسطيني في عامي 1987و2000 هي المقدمتان اللتان يمكن القول بأنهما ضد الاحتلال الصهيوني وضد نهج التسوية الممثل في سلطة الحكم الإداري الذاتي.
واليوم إذا كان الحديث عن المصالحة وإنهاء الانقسام هو مطلب وطني هام، لكن المرتكزات السياسية والوطنية لتلك المصالحة هي الأهم بالنسبة لأبناء شعبنا، كونها تحدد طبيعة تلك اللقاءات والمصالحات، فإما أن تكون مكوناتها السياسية محددة، بأطر وطنية واضحة، أو تكون تلك المصالحات عبارة عن بوس لحى والبحث عن مصالح فئوية ضيقة، تنتهي أمام أي هزة أو إشكال مهما كان صغيراً.
وإذا كان الواقع العربي اليوم لا يساعد على التقدم في مشروع التحرير نحو الأمام، فالمطلوب من الحركة الوطنية الفلسطينية أن تعتمد أسلوب تحصين الذات، والأعداد لذلك المشروع على أسس صحيحة دون الارتهان أو التبعية لأي نظام عربي والتوجه بشكل حقيقي نحو تركيز الجهود والتنسيق مع قوى المقاومة والممانعة في أمتنا العربية والإسلامية، كون أمتنا ما زالت تنجب المناضلين ولديها الكثير من الشرفاء الحريصون على فلسطين وقضيتها.
وهذا يحتم بالضرورة على كل أبناء شعبنا الفلسطيني في الذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقة ثورتهم، أن يكونوا في طليعة هذه الأمة، وأن يبقوا حاملي لواء الثورة والقضية، لأن التاريخ الفلسطيني ما زال شاهداً، على أن ثورتنا وشعبنا حمل كل تلك المآسي والانجازات من أجل الوصول إلى التحرير، وما زالت الآمال معقودة على هذه الثورة، ولديها الكثير مما يمكن أن تقدمه إذا توفرت القيادة الأمينة والمؤتمنة على هذا التاريخ، وعلى آمال وطموحات هذا الشعب، وتوفر البرنامج الوطني الجامع والموحد لهذا الشعب على قاعدة التمسك بالميثاق الوطني الفلسطيني الذي قدم شعبنا من أجله الشهداء والجرحى.
ميلاد ثورتنا هو الانجاز الحقيقي والفاتحة الأساسية في مشوار العودة والتحرير والاحتفاء بها هو الالتزام بالقسم والعهد واستمرار هذه الشعلة مضاءة حتى يكون النصر المبين.
| |
|