يوسف شديد / أبو العبد (عضو اللجنة المركزية لحركة فتح – الانتفاضة )
يحتار محبوك أيها المناضل العربي الفلسطيني الكبير أبو موسى، من أين يبدأون عندما يكون واجب عليهم رثائك ، خاصة من كان يعتقد أنك سترثيه، ولكن قدر الله فرض علي رثائك… و أنا لست كاتبا ولا شاعراً، ولكن رثاء المناضلين المميزين لا يحتاج إلى ذلك، بل يحتاج إلى إنسان مناضل يكتب مما يجيش بقلبه من مشاعر وأحاسيس صادقة وعفوية، معززة بما يعرفه عنك أيه المناضل الكبير.
وفضلت في أن أبدأ رثائي بالمسائل الوجدانية، والتي لك منها علي الكثير بدءا من زيارتك لي و أنا على سرير المشفى، وعندما شاهدتني وفوجئت بحالتي المتردية … كابرت وقلت بصعوبة تحمل واصبر، وستشفى إنشاء الله، لأن شفاءك بيدك، كلما قويت إرادتك أكثر، كلما هزمت المرض أكثر. أجل مرت الأيام وتحسنت صحتي وإن لم تعد كما أتمنى بسبب ظروف العلاج المعقدة. وسمعت يا أخي بمرضك واتصلت لأطمئن على صحتك فطمأنتني، وواسيتني بدل أن أواسيك كما يفعل القادة دائماً، ومضت الأيام أيضاً فعلمت أنك بالمشفى، وذهبت لزيارتك فوجدتك صلباً قوياً كما عهدناك، وكنت الإرادة كلها في مواجهة المرض الذي هو أكبر الأعداء فكنت شامخا في مواجهته كما في مواجهة كل الأعداء الآخرين، وكنت صابراً على بلواهم، ولكنك لهم بالمرصاد. وهذا ما جعلني أصدم عندما بلغت بخبر رحيلك المؤسف. ولكنني أيقنت عندها بأن الإرادة ضرورية لهزيمة المرض ومعاناته، ولكنها لا تهزم القدر، ولا تؤخر الأجل. كما قال سبحانه وتعالى: (( إذا جاء أجلهم لا يستئخرون ساعة ً ولا يستقدمون )) صدق الله العظيم.
أما ما أعرفه عنك أيها الأخ والقائد، فأنا أسمح لنفسي أن أقول باختصار، أنني أعرف عنك كماً من التضحيات والمآثر الفارقة ما لا يعرفه سوى القلة القليلة من المقربين منك، رغم أن معرفتهم بك أطول، حيث بدأت معرفتي بك منذ ثلاثة وثلاثين عاما تقريباً، ولكن ما يميزها أنها حصلت عبر القائد الشهيد / ماجد أبو شرار، وما ذكره لي عنك من خصال وعطاء سبقت لقائنا معك، في مقر إقامتك في بيروت. بالنسبة لي تآلفت أرواحنا وارتحت لك من ذاك الزمان. قوى ذلك ما اطلعت عليه من تضحياتك ومواقفك التي تضعك في مقدمة صفوف رموز امتنا عبر التاريخ. هذا واقع … يكفي أن أولوياتك في كل الظروف كانت تحرير فلسطين… كل فلسطين، وفي مقدمتها القدس ويكفي أنك لم تفرط… ولم تساوم رغم كل الظروف القاسية التي مرت بها حركتنا حركة فتح/الانتفاضة، والتي ولردح طويل من الزمن سميت بحركة أبو موسى.
ورغم كل عروض الترغيب التي عرضت عليك وأنا شاهد على بعضها، ولا ننسى كل أشكال الترهيب التي مورست ضدك لثنيك وزملائك عن بعض المواقف المبدئية للحركة، وجميعها باءت بالفشل.
ولن أكون مرائياً في زمن الرياء والنفاق، ولا منتقصاً ولا مقللاً من القدر في زمن الإدعاء والإلغاء، إذا ما استكملت المعادلة بأنك لم تكن مثالياً. بل كنت كسائر البشر، تخطئ وتصيب، تظلم وتعدل، ولكن همك وشغلك الشاغل هو كما أسلفت فلسطين، لذلك لا يسعني أن أقول فيك غير ما سبق أن قلته عنك، في أقسى الظروف، لعله يوفيك حقك عليّ، بأنك أيه القائد أبو موسى خالد بن الوليد لهذا العصر. فكلاكما تتشابهان في الشجاعة والصلابة إن كان في المبدأ أو الموقف. إضافة إلى أنك أنت أيضاً لا يوجد في جسدك شبر إلا وفيه رصاصة من رشاش، أو شظية من قذيفة لغم، أو مدفع، أو صاروخ، وأنت تقاتل عن شرف وكرامة وقضية شعبك وأمتك وبقيت واقفا كالأشجار حتى وافتك المنية على فراش المرض. ولكنك بحساباتنا وبدون التفاصيل شهيدا شهيداً شهيد. تغمدك الباري بواسع رحمته وأسكنك فسيح جنانه، وألهم عائلتيك، الصغرى والكبرى الصبر والسلوان.
إن لله وإن إليه راجعون وإنها لثورة على دربك حتى النصر